إذا نظرنا إلى النشاط التسويقي على أنه عملية تبادلية، فإن محور الدراسة في هذا النشاط يكمن في دراسة
أطراف العملية التبادلية وما يدور بداخلها، فالعملية التبادلية هي جوهر النشاط التسويقي وتهتم هذه العملية بتخطيط
وتنفيذ كافة القرارات المتعلقة بالمنتجات التي يتم تقديمها وتسعيرها وتوفيرها في المكان الملائم، وإتاحة
المعلومات اللازمة عنها لخلق عملية التبادل التي تشبع احتياجات وأهداف الأفراد والمؤسسات.
ويعتمد نجاح عملية التبادل على قدرة المسوق أو القائم بالتسويق وهو الطرف الأول في عملية التبادل في
أن يحقق الاستمالة الكافية والترغيب المناسب للطرف الثاني " أي السوق المستهدفة " بمعنى آخر المستهلك،
وإقناعه بجاذبية الشيء محل التبادل سواء كان سلعة مادية أو فكرة أو خدمة 3، وذلك من خلال إيجاد الخصائص
المناسبة لهذا الشيء في المكان المناسب وبالمعلومات المناسبة، والتي تحقق عملية التأثير المطلوبة، بمعنى أنه
عليه أن يقرر أي منتج يقدم بما يناسب احتياجات القطاع المستهدف، وبأي جودة واسم وغلاف وأين يتم توفيره
وبأي سعر، وما هي المدخلات من المعلومات التي يمكن استخدامها لإحداث المخرجات المطلوبة، وهي تفضيل
المستهلك للاسم التجاري للمؤسسة ومنتجاتها عن باقي الأسماء التجارية للمنافسين ومنتجاتهم.
وبطبيعة الحال فإن قدرة المسوق على الوصول إلى القرارات المناسبة تعتمد على مدى توافر المعلومات
المطلوبة، التي تعتبر بمثابة الأرضية الكافية لاتخاذ القر ارات في الوقت المناسب، هنا يأتي دور بحوث التسويق
كقناة متاحة من ضمن العديد من القنوات التي تمد المسوق بهذه المعلومات.
فبحوث التسويق هي نقطة البداية في النشاط التسويقي والتي تسمح بالتعرف على تطلعات المستهلكين، فمن أجل تسهيل التأقلم مع ا لسوق ،المؤسسة مدعوة لتجزئة هذا السوق واختيار الجزء الذي ستستهدفه بدقة، ثم ومن أجل كل جزء مستهدف تضع الأهداف الأربعة للمزيج التسويقي، الذي يتكون من المنتج،السعر التوزيع والترويج، ثم تقدير النتائج التي تحصلت عليها من أجل تصحيح الأخطاء التي وقعت في مختلف
المراحل.
إذن بحوث التسويق تعتبر أحد الأدوات الهامة في وضع الأفكار الفلسفية للمفهوم التسويقي موضع التطبيق
الفعلي، هذا المفهوم القائم على ثلاثة أركان أساسية وهي :
- التوجه بالمستهلك.
- خلق التكامل بين نشاط التسويق وبقية الأنشطة في المؤسسة.
- تحقيق الربح في الأجل الطويل بدلا من مجرد التركيز على حجم المبيعات فقط.
-ماهية بحوث التسويق:
لقد اتضح مما سبق أن الدور الأساسي لبحوث التسويق في المؤسسات هي مساع دة مدير التسويق على
اتخاذ القرارات التسويقية المختلفة، وفي وضع الاستراتيجيات التسويقية المتعلقة بالعناصر الأساسية للمزيج
التسويقي، وما يرتبط بها من قطاعات سوقية، من هنا فقد ركزت معظم الدراسات التي قدمت بغرض تعريف
نشاط بحوث التسويق على هذه الفكرةمثلها مثل مختلف التعريفات المرتبطة بكافة مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية، فقد تعددت تلك التيقدمت لتعرف مجال بحوث التسويق.
بحوث التسويق بأنه ا: "العملية التي يتم من خلالها جمع وتحليل المعلومات « EVARD إيفارد » - عرف
المرتبطة بظاهرة تسويقية بهدف مساعدة المسؤولين التسويقيين على اتخاذ القرارات المتعلقة بتلك الظاهرة "
بأنه ا: "عملية الإعداد، الجمع، التحليل والاستغلال للبيانات والمعلومات المتعلقة « Kotler كوتلر » - عرفها
بحالة تسويقية "
- أما الجمعية التسويقية الأمريكية فتعرف هذا النشاط كالتالي : "بحوث التسويق هي الوظيفة التي تخلق نوعا منالربط بين المستهلكين، المشترين، الجمهور ورجل التسويق من خلال ما تقدمه من معلومات يمكن استخدامها
في تحديد وتعريف الفرص أو المشكلات التسويقية، أو تعديلها، أو تقييمها، أو متابعة الأداء الخاص بالنشا ط
التسويقي أو في تحسين الفهم للعملية التسو يقية وطبيعتها، ولكي يتم ذلك تحدد بحوث التسويق المعلومات
المطلوبة وتدير عملية تجميع البيانات، وتحلل هذه البيانات، وتقوم بتوصيل نتائج البحث وما تعنيه هذه النتائج
من تطبيقات إلى متخذ القرار في المؤسسة" .
- كما تعرف بحوث التسويق بأنه ا: "مختلف الأنشطة المنظمة لعم لية جمع وتحليل المعلومات، المرتبطة
بالأسواق، وبصفة عامة بالمستهلكين الذين يتوقف تواجد المؤسسة عليهم، حتى تكون هذه المعلومات أساس
اتخاذ القرارات التسويقية، وتساعد على تخفيض المخاطر، وفقا لإجراءات مبنية على أساس المنهج العلمي،
. بهدف ضمان موضوعية المعلومات ودقتها، وملاءمتها، ومصداقيتها" .
من خلال التعاريف السابقة يمكن استشعار مدى أهمية و ضرورة الوصول إلى تعريف مقبول و متعارف
: عليه لبحوث التسويق، و ذلك لسببين أساسيين :
أولهما: يمكن التعريف الدقيق من تحديد ماهية النشاط و المجال الذي تغطيه بحوث التسويق حتى يمكن
لأي دارس أو ممارس للتسويق أن يقوم بوضع أو تحديد الأهداف و البرامج التي يسير عليه هذا النشاط.
ثانيهما: يمكن التعريف المحدد لبحوث التسويق من أن يحدد أي بحث تسويقي أو دراسة تسويقية كافة
العناصر التي تمكن الباحث من السير وفقا لها في إجراء البحوث لتحقيق الهدف منها.
وبناءا عليه يمكن تعريف بحوث التسويق على أنها تلك البحوث المنظمة والموضوعية التي تقوم بجمع
و تسجيل و تشغيل و تحليل البيانات التسويقية لمتخذي القرارات في المجال التسويقي بحيث تؤدي إلى زيادة
فعالية هذه القرارات و تخفيض المخاطر المرتبطة بها.
إذا رجعنا إ لى التعاريف السابقة يمكننا استخلاص بعض النقاط التي تعبر عن المضمون الحقيقي لنشاط
بحوث التسويق و التي يمكن توضيح جوانبها فيما يلي:
- اكتشاف و تعريف الفرص و المشكلات التسويقية التي توجد أمام المؤسسة، وكلمة "مشكلة" هنا لا تعني
مجرد معناها الضيق فقط، أي وجود خطأ معين في الممارسات التسويقية للمؤسسة، و لكن هذه الكلمة تمتد
لتشمل أيضا أي قرار يكون من المطلوب اتخاذه بواسطة مدير التسويق في المؤسسة.
- القيام بمتابعة النشاط التسويقي للمؤسسة و التأكد من أن هذا النشاط سوف يحقق الأهداف المرسومة له.
- بحوث التسويق هي الوظيفة التي تؤدي لربط المؤسسة بكل من المستهلكين و المشترين، و يتحقق هذا
الربط من خلال ما تقدمه البحوث من معلومات عن هذه الأطراف .
- إن الجمع و الحصول على المعلومات من خلال بحوث التسويق هي عملية منظمة و موضوعية، فالنظامية
في البحوث تعني أن هناك ضرورة لتخطيط كل مراحل ال بحث و الالتزام بها عند التنفيذ، فعادة ما تبدأ
البحوث بجملة واضحة و محددة عن المشكلة أو الظاهرة محل البحث، كما أن البحث لابد و أن يحدد فيه
المعلومات المطلوب الحصول عليها من ورائه ، و فيما تستخدم هذه المعلومات و ما هي طريقة الحصول
عليه، و ما هي الأساليب الإحصائية التي سوف تستخدم في تحليلها .
أما الموضوعية تعني أن يكون الباحث خالي الذهن من أي توجهات معينة تأخذ بالبحث تجاه مسار معين،
و يعني ذلك أن يبتعد الباحث عن التحيز في خلال أي مرحلة من مراحل البحث، حتى يمكن تعظيم المنافع
الناجمة عن عملية جمع المعلومات و اتخاذ القرارات الرشيدة على أسس علمية ، و على هذا يجب أن تتميز بحوث التسويق بالخصائص التالية :
- الموضوعية.
- الشمولية.
- هادفة: حاليا و مستقبلا.
- ذات ارتباط بالمشكلات الحالية أو القضايا العملية القائمة.
- يمكن ترجمتها إلى معلومات يتم الاستفادة منها.